برشلونة مع فليك- بين قوة الهجوم وإصلاح الدفاع وهواجس المستقبل

يسعى المدرب الألماني القدير، هانزي فليك، المدير الفني لنادي برشلونة الإسباني العريق، إلى تدعيم وترسيخ الجانب الدفاعي لفريقه، وذلك بالتوازي مع الحفاظ على القوة الهجومية الكاسحة التي مكنت الفريق الكتالوني من الفوز بلقب الدوري الإسباني في الموسم المنصرم، بفضل تسجيله لـ 102 هدفًا مذهلًا.
بفضل التألق اللافت للنجم الشاب الصاعد، لامين يامال، والجناح البرازيلي الموهوب، رافينيا، في الخط الأمامي، تجسدت القوة الهجومية الضاربة للفريق الكتالوني، حيث قدم أداءً استثنائيًا، واستحق عن جدارة تحقيق الثلاثية المحلية. ومع ذلك، فإن اعتماد فليك على أسلوب الضغط العالي المتقدم من قِبل خط الدفاع، عرّض برشلونة في بعض الأوقات لمواقف دفاعية حرجة ومربكة.
وتعتبر الهزيمة المؤلمة التي تلقاها الفريق بنتيجة 6-7 في مجموع مباراتي الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا أمام فريق إنتر ميلان الإيطالي، بمثابة مثال صارخ على المخاطر والتحديات الكامنة في التشكيلة الحالية.
واعترف فليك في شهر مايو الماضي، عقب الفوز المثير على فريق ريال مدريد بنتيجة 4-3 في مباراة حماسية، والتي قربت الفريق الكتالوني خطوة إضافية نحو حسم لقب الدوري، بأن الأمور لا تسير دائمًا على النحو الذي يشتهيه، وأنه يعاني في بعض الأحيان من صعوبات جمة. لكنه أعرب عن سعادته الغامرة بالمستوى الذي يقدمه الفريق، مبينًا أن "كرة القدم هي لعبة الأخطاء. ونأمل في أن نتمكن من تطوير أدائنا وتقليل الأخطاء قدر المستطاع".
وقبل الخوض في الحديث عن الثغرات الدفاعية المحتملة، يثور تساؤل هام حول قدرة برشلونة على الحفاظ على نفس المستوى المذهل من الحماس الهجومي. فرافينيا قدم في عمر 28 عامًا أفضل مستويات الأداء في مسيرته الكروية، وقد يكون من الصعب عليه تكرار هذا الإنجاز في الموسم الجديد. كما أن التقدم في العمر قد يؤثر سلبًا على أداء المهاجم البولندي المخضرم، روبرت ليفاندوفسكي، الذي سيحتفل بعيد ميلاده الـ 37 في وقت لاحق من هذا الشهر، والذي سيغيب عن الملاعب لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع بسبب الإصابة.
أما بالنسبة ليامال، وعلى الرغم من موهبته الفذة التي فتحت له الأبواب على مصراعيها لحمل الرقم 10 وخلافة الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي في حمله على ظهره، إلا أنه لا يزال يافعًا، حيث أتم عامه الـ 18 في شهر يوليو الماضي، لكنه يبقى بلا شك الأمل الأكبر للفريق في المستقبل القريب والبعيد.
وفي المقابل، تمكن فريق ريال مدريد من إنفاق مبلغ ضخم يتجاوز 172 مليون يورو على التعاقدات الجديدة، بما في ذلك الإنجليزي ترنت ألكسندر أرنولد، ودين هاوسن، وألفارو كاريراس، والأرجنتيني فرانكو ماستانتوونو، بالإضافة إلى تعيين المدرب القدير، شابي ألونسو، مديرًا فنيًا جديدًا للفريق. في حين أن الوضع المالي الصعب الذي يمر به برشلونة يعني أن نشاطه في سوق الانتقالات الصيفية سيكون محدودًا للغاية.
ويؤمن الفريق الكتالوني بأن يامين، وقلب الدفاع الشاب، باو كوبارسي "18 عامًا"، ولاعب خط الوسط الموهوب، بيدري "22 عامًا"، سيواصلون التطور والتحسن، وسيكون لهم دورًا بارزًا في قيادة الفريق نحو تحقيق الإنجازات.
واستعار برشلونة المهاجم الإنجليزي المتميز، ماركوس راشفورد، من نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، مما يمنح المدرب الألماني الكبير مرونة أكبر في الخط الأمامي، ويساهم في تخفيف الضغط البدني على ليفاندوفسكي.
وأبرم برشلونة صفقة مهمة خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، وذلك بضمه للحارس الموهوب، خوان جارسيا، من الجار إسبانيول، مما يعزز بشكل ملحوظ ما يمكن اعتباره نقطة ضعف في الفريق.
وقدم الحارس البولندي المخضرم، فويتشيخ شتشيزني، أداءً رائعًا بعد عودته من الاعتزال، ليحل محل الحارس الألماني المتألق، مارك أندري تير شتيجن المصاب، ولكن من المتوقع أن يلعب دور البديل للوافد الجديد. ومن المرجح أن يبدأ جارسيا أساسيًا منذ المباراة الافتتاحية ضد فريق ريال مايوركا يوم السبت القادم.
ويعتمد حامل اللقب على عنصر مؤثر جدًا يعزز من قدراته في مواجهة منافسيه، وهو يتمثل في العودة المنتظرة إلى ملعبه التاريخي "كامب نو" بحلته الجديدة، وذلك بعد أن لعب الفريق في الموسمين الماضيين على الملعب الأولمبي الواقع على تلة مونتجويك.
ومما لا شك فيه أن برشلونة قد افتقد كثيرًا إلى الأجواء الخاصة والعظمة التي يتميز بها معقله التقليدي، وبالتالي فإن العودة إليه ستمنحه دفعة معنوية وقوة إضافية هائلة، على أن تكون مباراته الأولى على هذا الملعب في المرحلة الرابعة ضد فريق فالنسيا، بعد أن يخوض المراحل الثلاث الأولى خارج الديار.